ميزان العدل والاحسان والايفاء بالعهود في استقرار الامم وبناء الانسان

بسم الله الرحمن الرحيم

ميزان العدل والاحسان والايفاء بالعهود في استقرار الامم وبناء الانسان

قال تعالى في سورة النحل

إِنَّ ٱللَّهَ يَأۡمُرُ بِٱلۡعَدۡلِ وَٱلۡإِحۡسَـٰنِ وَإِيتَآىِٕ ذِى ٱلۡقُرۡبَىٰ وَيَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنڪَرِ وَٱلۡبَغۡىِ‌ۚ يَعِظُكُمۡ لَعَلَّڪُمۡ تَذَكَّرُونَ (٩٠)

وَأَوۡفُواْ بِعَهۡدِ ٱللَّهِ إِذَا عَـٰهَدتُّمۡ وَلَا تَنقُضُواْ ٱلۡأَيۡمَـٰنَ بَعۡدَ تَوۡڪِيدِهَا وَقَدۡ جَعَلۡتُمُ ٱللَّهَ عَلَيۡڪُمۡ كَفِيلاً‌ۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ (٩١)

تتميز رسالة الاسلام بانها حملت مبادىء عظيمة تحققت على ارض الواقع

تمثلتها أمة ذات رسالة ، ومجتمع متماسك بفضلها ، وافراد حملوا الامانة باخلاص ،

فصدقوا الله ما عاهدوه عليه ، وصدقهم الله وعده

ترى !! ما الذي يحول دون تحقيق ذلك مرة اخرى ؟

كتاب الله بين ايدينا ، انزله الله لانشاء امة عادلة ، ومجتمعا فاضلا ،

وشعوبا مطمئنة آمنة و افرادا انحازوا الى درب الاستقامة في معاملاتهم وعلاقاتهم

وتصرفاتهم .

فما الذي يحول دون تحقيق ذلك في مجتمعاتنا ؟

انه الظلم ، الظلم بكل مظاهره ، وادواته واحكامه ومنطلقاته واسبابه.

لذلك كان الامر الرباني ....بالعدل

وعندما تتنزل الاية آمرة بالعدل ، يصبح من واجب كل مكونات المجتمع ان تتفاعل

بكل امكانياتها ، لتحقيق امر الله ووضعه موضع التفيذ ،

فهل نفعل نحن ذلك ؟؟؟

والعدل بمعناه الاستقامة على طريق الحق كلُّ لا يتجزا !

اذ من غير المتوقع عقلا ان يتحقق العدل الاجتماعي ان لم تميل اليه قناعات افراد المجتمع ،

من هنا تبرز اهمية بناء شخصية الفرد المسلم الى ان يميل بكليته الى الاعتدال في القول

والفعل .

وهنا تاتي مبادىء عظيمة في فنون التربية لتحقيق هذا الاعتدال ،

وبالترتيب القرآني

يبدأ بالاحسان : ان تعبد الله حق العبادة ، كما أمر ، أبدا كانك تراه ،

والاحسان يشمل محيط الحياة كلها ، ابتداء من علاقة العبد بربه , وعلاقاته بأسرته ,

وعلاقاته بالجماعة , وعلاقاته بالبشرية جميعا

وحقيقة الاحسان ومبلغه سوف يترجم في واقع الفرد المسلم ، في علاقته باسرته ،

وايتائه ذوى القربى منه ، وانتهائه عن الفحشاء والمنكر والبغي فعلا وقولا .

وحقيقة الاحسان ومبلغه سوف تترجم في واقع الفرد المسلم ، ايفاء بالعهود والمواثيق ،

واولها الوفاء بعد الله ، بما افترضه عليه من فرائض ، وما نهاه عنه من نواهي ،

ومن لم يحفظ عهده مع الله فكيف بعهده مع عباد الله .

وحقيقة الاحسان ومبلغه سوف تترجم في واقع الفرد المسلم ، دعوة الى الخير

وامر بالمعروف ونهي عن المنكر .

والمنكر كل فعل تنكره الفطرة و الشريعة.

وقد تنحرف الفطرة أحيانا فتبقى الشريعة ثابتة تشير إلى أصل الفطرة قبل انحرافها .

والفحشاء والبغي والظلم وتجاوز الحق والعدل ، كل ذلك منكر تاباه الفطرة وتنكره الشريعة .

وما من مجتمع يمكن أن يقوم على الفحشاء والمنكر والبغي والظلم والاستبداد .

ما من مجتمع تشيع فيه الفاحشة بكل مدلولاتها , والمنكر بكل مغرراته ,

والبغي بكل معقباته ثم يقوم.

ومهما استخدم الطغاة من وسائل لحماية بغيهم وظلمهم وجبروتهم وطغيانهم ،

فان افراد المجتمع اذا ما استقامت مفاهيمهم وقناعاتهم مع متطلبات الشريعة والفطرة

سوف ينتفضون لتغيير واقعهم .

سَوَآءٌ۬ مِّنكُم مَّنۡ أَسَرَّ ٱلۡقَوۡلَ وَمَن جَهَرَ بِهِۦ وَمَنۡ هُوَ مُسۡتَخۡفِۭ بِٱلَّيۡلِ وَسَارِبُۢ بِٱلنَّہَارِ (١٠)

لَهُ ۥ مُعَقِّبَـٰتٌ۬ مِّنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ يَحۡفَظُونَهُ ۥ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِ‌ۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوۡمٍ حَتَّىٰ

يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِہِمۡ‌ۗ وَإِذَآ أَرَادَ ٱللَّهُ بِقَوۡمٍ۬ سُوٓءً۬ا فَلَا مَرَدَّ لَهُ ۥ‌ۚ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِۦ مِن وَالٍ (١١)(الرعد)

مجتمعاتنا تسلط عليها سفهاء القوم وجهلتهم ،

واحكمونا لمناهج مستوردة بعيدة عن شرع الله تعالى ،

حتى ولو بقيت بعض من عبارات هائمة يضحكون علينا بها تدل على ان الاسلام

مصدر من مصادر التشريع

هانت عليهم شعوبهم بما ابتليت به من جهل ، ومنابر تثقيفية مستوردة ،

وبالغنا في ابتعادنا عن مصدر عزنا ، دخلنا نفقا طويلا يخنقنا ظلامه ونتنه وعفنه

آن لنا ان نخرج من هذا النفق

آن لنا ان ننتحرر من غفلتنا ، وننحاز الى امر الله وقد امر بالعدل

ولا يصلح امر هذه الامة الا بما صلح عليه اولها

فلنبدأ مسيرتنا نحو رضى الله والجنة

والا سنبقى في متاهة النفق